مقال

20 مارس 2022

أولاد جلال, تاريخ

أولاد جلال قبل 1830

تؤكد الأبحاث الأثریة التي قام بها الفرنسیون في القرن العشرین إن منطقة الزاب التي شهدت استقرارا واستیطانا لإنسان ما قبل التاریخ في الجهتین من الزاب الغربي والشرقي والجهة الأولى فهي بأولاد جلال حین اكتشفت فیها ثلاث مناطق رئیسة تعود إلى الصناعات الموستیریة والتي تنتشر في اغلب الجهات المجاورة لمنطقة منقوب بأولاد جلال والتي تعود الى عصر ما قبل التاریخ ،ومن المحطات الاثریة التي تعود الى هذه الفترة توجد بالقرب من عین الحمارة وهي عبارة عن بازیناس ذات دفن جماعي.

ومن علماء الآثار الذین یؤكدون وجود المنطقة الدكتور "هنري مارشال "H.Marchan الذي یستند إلى دراسة میدانیة قام بها الطبیب الملازم "سالیه "J.C Sallierالذي مكث طویلا بالمنطقة فان ضواحي أولاد جلال تزخر بآثار أدوات وقطع أسلحة تعود إلى عصور ما قبل التاریخ یكون هذا الأخیر قد جمع الكثیر منها خاصة على حافتي وادي عسل.

أما بالنسبة للتاريخ القديم والوسيط فأولاد جلال ظلت دائما إقليما من أقاليم الزاب ما كان يعرف بالمغرب الأوسط وكانت ضمن حظرة مدن الإمارة الأغلبي التي نشأت في بعض مناطق بسكرة وطولقة وسطیف وبرج بوعریریج وبلزمة ونقاوس وغیرها من المناطق ولم تتأثر منطقة اولاد جلال طوال تواجدها بالتغييرات التي جرت على الحدود الشرقية والغربية .

وكذلك في ظل الدولة الزیانیة التي عرفت ضعفا سیاسیا في نهایة القرن الخامس عشر میلادي، ظلت المنطقة في منأى عن تهدیدات المرینیین غربا والحفصیین شرقا، رغم احتلال هؤلاء لقسنطینة وتهدیدهم لبسكرة نفسها، فكانت تحت سلطة عهدهم وهي سلطة أنشاها الزیانیون في فترة ضعفهم وفي اواخر عهدهم أوكلوها الى الذواودة في شخص علي بن الصخري الذواودي.

وعند بدایة العهد العثماني حول الاتراك نظام الامارة الى نظام المشیخة دون ان ینزعوا السلطة من أبناء الصخري الذواودي وذلك إلى غایة دخول محمد بن علي بن سلیمان المعروف بالحاج بن قانة بعد ان استأثر آل بوعكاز بالسلطة المطلقة لوحدهم لما یقارب ثلاث قرون في الشمال وبني جلاب في الجنوب، مما یفسر الصراع المریر بین العائلتین بوعكاز وبن قانة، والذي كان له الاثر البارز والمعروف قبیل واثناء غزو الجیش الفرنسي للجزائر صائفة 1830م، وبعد تأزم الوضع قرر الباي عزل فرحات بن سعید من مشیخة العرب في 1831م، وتسلیمها لعائلة ابن قانة.

بعد ما كان فرحات بن سعيد قد عين شيخا على العرب من طرف ابراهيم باي قسنطينة السابق وعزل خصمه ابن قانة، لأنه كان شخصا طموحا لا يبالي بالوسائل اذ كانت توصله الى اهدافه ثار سنة 1821م، ولكن صدر عنه العفو وبقي نفوذه الكبير في الجنوب وكان هناك تنافس كبير بين اسرته وبين اسرة بن قانة سالت من جرائه دماء غزيرة، وعندما ولي الحاج احمد باي على قسنطينة عزل فرحات بن سعيد وعين خصمه ابن قانة شيخا على العرب وكان بن قانة صهرا للحاج احمد.

كان للتطور السیاسي والعسكري مجموعة من الایجابیات منها نهضة ثقافیة، كان لها الاثر البارز على المنطقة حیث حولت الى طریق للحجیج الذي كان یمر عبر ستدراتة (ولایة ورقلة ) الى سیدي خالد، بحیث اصبحت هذه الاخیرة نقطة عبور اجباریة لضیوف الرحمان، فجلبت انظار الكثیر من الرحالة الى المنطقة بأكملها، وكان من الطبیعي ان تتأثر اولاد جلال بالحركة الثقافیة والاقتصادیة الناشئة.

ومن ابرز المؤرخین الذین زاروا المنطقة وارخو لها الرحالة المؤرخ عبد االله بن محمد العیاشي في مخطوطه الرحلة العیاشیة 1663-1661م یصفها قائلا اولاد جلال من اكبر قرى الزاب وهي قریة جامعة فیها مدرسة للطلبة المهاجرین وهم یسمون الغرباء المهاجرین وهم في قوة ومنعة من العرب لا یؤدون لهم الاتاوة، ویسمون كل من یؤدي الاتاوة للعرب بالمجاهدین، وقد صدقو في ذلك. وفي یوم نزولنا بالجرف ظهر الضعف في فرسي التي اركبها وكانت قد اصیبت بریح لیلة اسرینا من اولاد جلال.


مراجع:

العربي حرزاالله، اولادجلال
محمد صغیر غانم، مقالات حول تراث بسكرة والتخوم الأوراسیة، منشورات جمعیة التاریخ والتراث الاثري لمنطقة الاوراس، باتنة ،
مبارك بن محمد المیلي، تاریخ الجزائر في الحدیث والقدیم ، تح : محمد المیلي، المؤسسة الوطنیة للكتاب ، الجزائر
العربي حرزاالله ،منطقة الزاب )مائة عام من المقاومة ، (1930-1830دار السبیل ، الجزائر
ابو القاسم سعد االله، محاضرات في تاریخ الجزائر الحدیث ) بدایة الاحتلال (